Sunday, 19 May 2024 09:17 GMT



عشرة دروس من برنامج كوريا الشمالية النووي

(MENAFN- Alghad Newspaper) ريتشارد هاس*

سيول - أنتجت كوريا الشمالية عدداً من الرؤوس الحربية النووية، كما تقوم بتطوير صواريخ باليستية قادرة على حمل هذه الرؤوس إلى جميع أنحاء العالم. وتحاول حكومات كثيرة منع أو إبطاء التقدم في قدرة كوريا الشمالية وإيجاد طرق لما ينبغي عمله إذا فشلت هذه الجهود.
هذه أسئلة مهمة للغاية، لكنها ليست الوحيدة. فمن المهم أيضاً أن نفهم كيف نجحت كوريا الشمالية في النهوض ببرامجها النووية والصاروخية، على الرغم من عقود من الجهود الدولية. وقد يكون الوقت متأخراً جداً للتأثير على مسار كوريا الشمالية بشكل حاسم؛ لكن الأوان لم يفت بعد للتعلم من التجربة. وفيما يلي عشرة دروس نتجاهلها.
أولا، تمتلك الحكومة المعرفة العلمية الأساسية والقدرة على التصنيع الحديث، وهي مصممة على تطوير عدد من الأسلحة النووية البدائية. وعاجلاً أم آجلا سوف تنجح بالتأكيد. ومعظم المعلومات ذات الصلة متاحة على نطاق واسع.
ثانياً، يمكن الحد من المساعدة من الخارج، لكن من الصعب إيقافها. وتتواجد الأسواق السوداء كلما كان الربح كبيراً. وستقوم بعض الحكومات بتيسير هذه الأسواق، رغم التزامها بعدم القيام بذلك.
ثالثاً، هناك حدود لما يمكن توقعه من العقوبات الاقتصادية. وعلى الرغم من أن العقوبات قد تزيد من تكلفة إنتاج الأسلحة النووية، فإن التاريخ يشير إلى أن الحكومات مستعدة لدفع ثمن كبير إذا وضعت قيمة عالية بما فيه الكفاية على امتلاكها. وهناك أيضاً أدلة على أن بعض أو كل العقوبات سوف تختفي في النهاية، كما ستقوم حكومات أخرى بقبول واقع الوضع النووي للبلد واختيار التركيز على أهداف أخرى. وهذا ما حدث في حالة الهند.
رابعاً، ليست الحكومات مستعدة دائماً لإعطاء الأولوية للاعتبارات العالمية (في هذه الحالة، معارضة الانتشار النووي) على حساب ما تعتبره مصالحها الإستراتيجية المباشرة. مثلاً، تعارض الصين الانتشار، ولكن ليس بقدر ما تريد الحفاظ على شبه جزيرة كوريا مقسمة وضمان أن تبقى كوريا الشمالية دولة عازلة مستقرة على حدودها. وهذا يحد من أي ضغوط اقتصادية صينية على كوريا الشمالية لإضعاف جهودها النووية. وقد عارضت الولايات المتحدة تطوير باكستان للأسلحة النووية، ولكنها كانت بطيئة في التصرف بسبب رغبتها في الثمانينيات في دعم باكستان لها ضد احتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان.
خامساً، بعد نحو ثلاثة أرباع قرن من الزمان منذ أن استخدمت الأسلحة النووية لأول وآخر مرة، وبعد ربع قرن من انتهاء الحرب الباردة، ما تزال الأسلحة النووية تعتبر ذات قيمة. وتستند هذه الرؤية إلى الأمن أكثر من النفوذ.
قبل عقود من الزمن، اعتمدت إسرائيل هذه الرؤية لمواجهة التهديدات العربية للقضاء على الدولة اليهودية. وفي الآونة الأخيرة، تخلت أوكرانيا وليبيا والعراق عن برامجها للأسلحة النووية إما طوعاً أو جبراً. وفي وقت لاحق، قامت روسيا بغزو أوكرانيا وقامت الولايات المتحدة وشركاؤها بغزو العراق وليبيا. وتمت الإطاحة بصدام حسين في العراق ومعمر القذافى في ليبيا.
لكن كوريا الشمالية تجنبت مثل هذا المصير، ويحكم الجيل الثالث من عائلة كيم بقبضة من حديد. ومن المشكوك فيه أن لا يتعلم كيم جونغ أون هذا الدرس.
سادساً، إن معاهدة عدم الانتشار غير كافية -اتفاق العام 1970 الذي يدعم الجهود العالمية الرامية إلى مناهضة انتشار الأسلحة النووية خارج البلدان الخمسة (الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا) المعترف بها باعتبارها دولاً نووية مشروعة لفترة غير محددة. إن معاهدة عدم الانتشار هي مجرد اتفاقية طوعية. فالبلدان ليست ملزمة بالتوقيع عليها، وقد تنسحب منها من دون أي عقوبة إذا غيرت رأيها. وتجري عمليات التفتيش التي تهدف إلى التأكد من الامتثال إلى حد كبير على أساس المعلومات التي تقدمها الحكومات المضيفة والتي عرفت بعدم الكشف عن كل شيء.
سابعاً، إن الجهود الدبلوماسية الجديدة، مثل الحظر الأخير على جميع الأسلحة النووية الذي نظمته الجمعية العامة للأمم المتحدة، لن يكون له أي أثر ملموس. فهذه المواثيق هي المعادل المعاصر لميثاق كيلوغ برياند للعام 1928، الذي حظر الحرب.
ثامناً، توجد فجوة كبيرة في النظام الدولي. فهناك قاعدة واضحة ضد انتشار الأسلحة النووية، ولكن لا يوجد إجماع أو معاهدة بشأن ما ينبغي القيام به، في حال قيام أي بلد بتطوير أو حيازة أسلحة نووية. فمن السهل اقتراح أكثر من تنفيذ الخيارات المثيرة للجدل من الناحية القانونية والدبلوماسية للإضرابات الوقائية (ضد تهديد محتمل) والضربات الاستباقية (ضد تهديد وشيك).
تاسعاً، لا تتحسن بدائل التعامل مع الانتشار النووي مع مرور الوقت. وفي مطلع التسعينيات، درست الولايات المتحدة استخدام القوة العسكرية ضد كوريا الشمالية، لكنها توقفت خوفاً من اندلاع حرب كورية ثانية. وما يزال هذا هو واقع الحال اليوم، حيث هناك حاجة لاستخدام قوة عسكرية كبيرة لمحاربة انتشار الأسلحة النووية، لكن نجاحها غير مؤكد.
وأخيراً، يمكننا القول إنه لا يمكن حل كل المشاكل، وإنما يمكن التصدي لبعضها فقط. ومن السابق لأوانه، على سبيل المثال، أن نستنتج أن إيران لن تطور أسلحة نووية يوما ما. وقد أدى اتفاق العام 2015 إلى تأخير هذا الخطر، ولكنه لم يُزله بأي حال من الأحوال. ويبقى أن نرى ما يمكن القيام به تجاه كوريا الشمالية. وقد لا تكون إدارة مثل هذه التحديات مرضية، ولكن هذا هو في الغالب أكثر ما يمكن أن يُؤمل الآن.

*رئيس مجلس العلاقات الخارجية، عمل سابقاً مديراً لتخطيط السياسة في وزارة الخارجية الأميركية.
*خاص بـ "الغد"، بالتعاون مع "بروجيكت سنديكيت".

MENAFN0608201700720000ID1095700889


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.