Friday, 20 September 2024 10:41 GMT



الدكتور عبدالرحمن الفاضل في خطبة الجمعة: الحذر.. ثـم الــحــذر.. فـلأمـتنـا الـعـربية والإسلامـية أعـداء

(MENAFN- Akhbar Al Khaleej) السبت ٢٢ يوليو ٢٠١٧ - 01:00 تحدث فضيلة الدكتور عبدالرحمن الفاضل في خطبته ليوم الجمعة في جامع نوف النصار بمدينة عيسى أمس عن أنه من واجب المسلمين أخذ الحيطة والحذر.. فلأمتنا العربية والإسلامية أعداء.. ومخططاتهم لإضعافنا والسيطرة علينا منذ القدم مسجلة ومعروفة.. وتوصيات مؤتمراتهم محفوظة.. وأهدافها معلنة، من بينها المؤتمر الذي عقد في لندن عام 1907 برئاسة رئيس وزراء بريطانيا وكان من أبرز توصياته النص صراحة على ضرورة إبقاء شعوب المنطقة مفككة، والعمل على محاربة أي توجه وحدوي.. إلى آخر هذه التوصيات التي وضعت على أساسها اتفاقية "سايكس بيكو عام 1916 وتلاها وعد بلفور عام 1917 إلى آخر ما جرى.

ثم قال: فلا تعجب ولا تستغرب إذا ما تعدى الصهاينة على مسجدنا الأقصى.

ثم تولى فضيلته بالرد والتفنيد لما خرج به البعض علينا مرددا على مسامعنا ما يقوله ويبثه أعداء الأمة الإسلامية.

.. وفيما يلي نص الخطبة:

لا شك أن لأمتنا العربية والإسلامية أعداء، ولا ريب أن لعدونا مخططات تهدف إلى إضعافنا بغية السيطرة علينا، وعلى هذا وجب أخذ الحيطة والحذر لقوله -تعالى-: "يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُباتٍ أو انفِرُوا جَميعًا وعليه وجب علينا أن نعلم ماذا حدث في الماضي، وأن نفهم ما الذي يحدث في الحاضر، وما سيؤول إليه الأمر في المستقبل؟ وما هي الخطط الرهيبة التي وضعوها ليصلوا بنا إلى هذه الحال التي نحن عليها؟!

ولكي نعلم ونفهم ما الذي حدث لنطلع بصورة سريعة وموجزة على أحد تلك المؤتمرات التي عقدتها دول الاستعمار الأوروبية الإرهابية المنعقد في لندن عام (1907م) برئاسة (هنري كمبل بانرمان) رئيس الوزراء البريطاني، والذي اتفقوا فيه بالإجماع على أن مصدر الخطر الحقيقي على الدول الاستعمارية إنما يكمن في المنطقة العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج، وأن خطورة الشعب العربي تأتي من عوامل عدّة يملكها وهي: وحدة التاريخ، والدين، واللغة، والثقافة، والهدف، بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي المتحكم في طرق المواصلات الرئيسية البرية منها والبحرية.

ولهذا جاءت أبرز توصيات هذا المؤتمر على النحو الآتي:

أولا: ضرورة العمل على إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متأخرة، وتجزئتها وتقسيمها، وإنشاء دويلات مصطنعة تابعة للدول الأوروبية وخاضعة لسيطرتها.

ثانيا: حرمان هذه المنطقة (العربية خاصة والإسلامية عامة) من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية.

ثالثا: محاربة أي توجه وحدوي فيها، وذلك بإقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادٍ يفصل الجزء الإفريقي عن الجزء الآسيوي فيحول دون تحقق وحدة هذه الشعوب. فكان الجسم الغريب المعادي الذي زرعوه في قلب العالم العربي هو (الكيان الصهيوني)، ولذلك عملوا على إفشال حلم الزعيم جمال عبدالناصر رحمه الله تعالى- في إقامة الوحدة العربية تحت مظلة الجمهورية العربية المتحدة.. نعم لقد تعهدوا ألا تقوم وحدة بين العرب تحت أي مسمى، إسلاميا كان أم غير إسلامي!

وقد تحقق ما أراده المؤتمرون، وعلى أثر هذا المؤتمر وضعت اتفاقية (سايكس-بيكو عام (1916) التي حُددت فيها مناطق النفوذ بين فرنسا وبريطانيا وروسيا، وفي أعقاب هذه الاتفاقية مباشرة جاء وعد "بلفور المشؤوم في (2 نوفمبر1917) بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وقد تم لليهود ما أرادوا فاحتلوها عام (1948م) بعد مذابح ومجازر ارتكبوها، بتواطؤ وصمت دولي، وبمساعدة من الدول الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا -تاريخ إرهابي لتلك الدول (الاستخرابية) مقيد بالسجلات الرسمية، وموثق بالصوت والصورة- إرهاب موجه ضد أمتنا العربية والإسلامية، فلماذا التغاضي عنه والسكوت عليه؟ بل ويراد من الأمة تعمدا أن تمحوه من ذاكرتها وتنساه وكأن إرهابهم لم يكن شيئا مذكورا!

لم يكن ليتحقق لهم كل ذلك مع ما كانت عليه دولة الخلافة العثمانية من ضعف؛ إلا أنهم لم يجرؤوا على تنفيذ مخططهم إلا بعد أن تآمروا على إلغاء دولة الأمة الإسلامية ابتداء، فاقتسموا البلاد العربية، وجعلوها دويلات متناحرة متنافرة، وادخلوا عليها معتقدات فاسدة، ونظريات إلحادية مضادة لتعاليم الدين، ومخالفة لتشريع الإسلام، لتعتنقها النخب العميلة المختارة والمنتقاة لتنشر تلك النظريات الفاسدة من يسارية، وشيوعية، وبعثية، ووجودية وغيرها، بقصد إبعاد الشعوب عن دينها، وفصلها عن شريعتها، وجعلها تتخبط في ولاءاتها، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من الانحدار والتخلف، بل وصل الأمر إلى أخطر من ذلك، فإنه بعد أن كان الاتصال بالدولة الصهيونية جريمة لا تغتفر، يقاطع فاعلها ويعتزل، غدونا اليوم نرى الزيارات المتبادلة بين الوفود العربية والصهيونية الفردية والجماعية موضع ترحيب وتهليل وافتخار، حتى بلغنا أنه لم يبق أمام دولنا العربية غير خطوة أو أقل لإعلان التطبيع، والاعتراف بالكيان الصهيوني!

فلا نعجب بعد هذا! ولا نستغرب إذا ما تعدى الصهاينة على مسجدنا الأقصى -أولى القبلتين وثالث المساجد المقدسة- خاصة، واخترقوا بلادنا وأفسدوا فيها عامة!!

إن من المؤسف حقا أن نقول: إن أمتنا لم تلتزم بأمر الله المأمورة به في قوله تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وقد نهاها وحذرها من التفرق والاختلاف بقوله تعالى: "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ.

ذلك أن الاعتصام بحبل الله -تعالى- وعدم التنازع والفرقة، هو الحجر الأساسي في بناء صرح الأمة، فما دام الترابط والتماسك شعار الأمة، فستكون لها العزة والغلبة، وفي المقابل إذا ما تفرقت وتخاذلت فسيصدق فيها قوله -تعالى-: "وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ.

وإن هذا ما أدركه الصحابة والتابعون لهم بإحسان -رضوان الله عليهم- من معنى وحدة الأمة، فكانوا كالجسد الواحد تحطمت على صخرة وحدتهم وصلابة رابطتهم كل الغزوات والمؤامرات، من بعد أن تحرروا من أي رابطة قد تكون عقبة تحول بينهم وبين تطبيق تعاليم دينهم الحنيف، والتزام شريعة إسلامهم العظيم، فكان الاتصال بينهم على أساس العقيدة الإسلامية الثابتة الراسخة، التي تقوم على أقوى رباط يوحدهم، وهي صدق أخذهم بكلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله قولا وفعلا، فكانت من الوضوح التام لديهم صلة الفرد بربه، وصلته برسوله عليه الصلاة والسلام- وصلته بإخوانه على هدي من كتاب الله، وسنة رسوله، هذه الرابطة الحقيقية التي لا تفرق بين مسلم ومسلم إلا بالتقوى: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ هذه هي الأمة الجديرة التي استحقت تفضلا ومنة ذلكم الثناء والمديح من المولى سبحانه في قوله تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس...

ولكن، إذا كانت الأمة على هذا القدر الكبير، وتلك المكانة الرفيعة، فكيف استطاعت الأمم المعادية التعدي عليها؟ وكيف تطاول عليها أراذل الناس من بني صهيون؛ ليصل بهم الأمر إلى أن يتجرؤوا اليوم على أن يغلقوا المسجد الأقصى، ويمنعوا المصلين من الصلاة فيه، بل ويعملوا على تدنيسه، وتدميره، وقتل الركع السجود فيه ومن حوله، وتشريد أهل بيت المقدس منه، تمهيدا لاحتلاله والسيطرة عليه رسميا بأكمله، كما احتلوا واغتصبوا فلسطين من قبل؟!

كيف أقدم اليهود على فعلتهم أمام مرأى ومسمع العالم المهادن لهم؟ والأدهى أن عموم العرب والمسلمين صم بكم عمي كأنهم لا يعقلون، يشاهدون هذه المآسي، ويعاينون بأم أعينهم وبأنفسهم كيف تنتهك وتهان حرمة المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث المساجد المقدسة، ويعتدى فيه على النساء المسلمات، والشيوخ والأطفال من كافة الأعمار والفئات؟

يَرتَكب اليهود هذه الجرائم والاعتداءات في تباه واطمئنان، لا يخشون تهديدات ولا استنكارات العرب والمسلمين، فقد علموا وتيقنوا أن استنكارهم واستهجانهم لا يتعدى مجرد استعراض الصرخات!

وإنه ما دام يخرج علينا بين الحين والآخر كبار المسؤولين من العرب ليستنكروا على الفلسطينيين مقاومتهم لقوات الجيش والشرطة الصهيونية المحتلة المعتدية التي تقتلهم بغير جريرة ارتكبوها غير أنهم يطالبون بحقهم المغصوب ظلما وعدوانا!

ثم نقول: كيف لا يخشى اليهود؟ ولماذا لا يرتعبون؟ لأنهم علموا وتيقنوا أن العرب والمسلمين مشغولون عنهم بنزاعاتهم البينية، وانقساماتهم على أنفسهم اللا متناهية، فلا يخشى العدو منهم حراكا ألبتة، ما داموا على هذه الحال! هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، أن هناك من العملاء والوكلاء مَنْ يشغلون العرب والمسلمين بإذكاء نار الفتنة، وإشعال شرارة القطيعة فيما بينهم، فيلتهون بخصام يفرقهم وشحناء تزيدهم عداوة، وبحرب تطحنهم وتأكل أخضرهم ويابسهم، فيخرج الكل منها مهزوما مدحورا، وليس ثمة منتصر حقيقي، عدوهم التاريخي الثلاثي الغادر (الصفوية والصهيونية والصليبية) الثلاثي الحاقد الذي يسعى إلى إفنائهم واحدا تلو الآخر، فهل من صحوة وعودة إلى العقل والرشد تدعو بجد إلى توحيد دولنا في وحدة عربية إسلامية نتقي بها مصارع السوء المحدقة والمحيطة بنا؟!

المشكل أن عندنا، ومن بيننا من بلغ به جهله، أو غفلته، أو ساقه هواه، أو دفعته مصالحه وعمالته، أن ينكر على من يدعو إلى وحدة الأمة الإسلامية، التي أعتقد جازما أنه لا يوجد مسلم يؤمن بالله تعالى- حقا وصدقا، حاكما كان أو محكوما، إلا ويتطلع إلى إعادة مجد الأمة الإسلامية التالد، ويتمنى أن تصحو هذه الأمة المجيدة من غفوتها؛ لترشد العالم إلى سبيل الهداية من جديد، هذه الأمة التي جعلها الله خير أمة أخرجت للناس، بل جعلها شهيدة على الأمم جميعها مصداقا لقوله -تعالى-: "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكونَ الرسولُ عليكم شهيدا...

هذه الأمة الإسلامية الواحدة المنضوي تحت لواء عقيدتها السمحة مختلفُ الأعراق والأجناس، بشتى ألوانهم ولغاتهم في عبودية واحدة مصداقا لقوله تعالى-: "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ.

ثم إنه من المؤسف أن تخرج علينا كاتبة، ومستشارة إعلامية من المفترض فيها أن تكون على وعي وإطلاع وفهم وإدراك لِمُسَلمَة من مسلمات إسلامنا العظيم معلومة من الدين بالضرورة لكل مسلم، قد ثبت تأكيدها من الله -تعالى- في كتابه العزيز فيما ورد من الآيات البينات، وثبت تقريرها من رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم- في أقواله الصحيحة الثابتة وفعله الأكيد، بإقامته وتحت قيادته صلى الله عليه وسلم- دولة الأمة الإسلامية العظيمة الأولى؛ التي انطلقت من المدينة المنورة تنشر الهداية وتقيم العدل بين العباد؛ لتصل في أقل من (مائة عام) إلى حدود الصين شرقا، وإلى جنوب فرنسا غربا، مع هذا تأتينا الأخت الكاتبة لتنكر بذلك -بما يفهم من مضمون كلامها وما يعلم من منطوق حديثها- مرددة على مسامعنا ما يقوله ويبثه أعداء الأمة من أنه لا وجود أصلا لدولة الأمة، التي بها تنادون! ظنا منها ومنهم أنهم بهذا يمحون أو يطمسون تاريخا مجيدا لدولة الأمة، أقام دعائمها، وأشاد أساسات بنيانها النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.

إن ما تدَّعون وتروجون من دعاوى فاسدة، ومزاعم باطلة تلبسون بها على بسطاء الناس وعامتهم من أن دولة الأمة المؤكدة في القرآن الكريم، ليست سوى حلم، ولم تكن يوما حقيقة كما يظن المسلمون المتوهمون، وأنها لا تعدو كونها ماضيا وانتهى ولن يعود! بينما أنتم أيها المسلمون تعيشون في أزمة بين حلم الأمة، وواقع الدولة! ولهذا تقول في مقالها المنشور في احدى الصحف بتاريخ (18/7/2017) في معرض ردها على مقال الكاتب القدير المتميز (الدكتور إبراهيم الشيخ) والمنشور بأخبار الخليج (17/7/2017) مع وضوح المقال إلا أن الكاتبة في مغالطة بينة، مجانبة للحقيقة والصواب، وتجن متعمد، واتهام مبطن، وتدليس متقصد، وإنني أجزم بأن ما ذكرته الكاتبة لا ينطلي على أحد، ولا يمكن أن يمر على المواطن البحريني الواعي، فضلا عن المسؤول المثقف المتابع للأحداث، حيث تقول: "إن المنادين بدولة الحلم اليوم إنما هم في صراع مع دولة الواقع، والسؤال اليوم لأيهما الولاء؟! هذا الصراع والتنازع النفسي هو أحد الإشكاليات لدى ابن الخليج العربي الذي نشأ وتربى وغُرس في ذهنه الولاء لدولة الأمة الإسلامية الجامعة لأبناء المسلمين من أفغان وباكستانيين ومصريين وبحرينيين وليبيين وووو.. والذين يرفعون شعار "الأمة، يدعمون سقوط "الدولة، وقد تكون الدولة القادمة التي يراد إسقاطها هي البحرين أو الكويت أو السعودية أو الإمارات، فيتنازعهم الهوى بين ولاء لدولتهم كواقع "وهو ولاء مشهود لا غبار عليه تبين في كثير من المواقع المعاصرة، وبين ولاء لدولة الإسلام كحلم... يذكرنا الزميل العزيز: بأن هناك ملوكًا عربًا ومنهم الملك السعودي فيصل -رحمة الله عليه- دافع عن "الأمة لا عن السعودية والدولة القُطْرية فحسب، من دون أن يجد في ذلك تناقضًا أو تعارضًا بل وسخر إمكانيات دولته للدفاع عن أمته، وأن ذلك الدفاع جعل للأمة ثقلاً كما للمملكة العربية السعودية ثقلاً، وهو كلام لا خلاف عليه ونتفق فيه مع الزميل إبراهيم تمام الاتفاق... أين المشكلة إذن؟

المشكلة حين لا يكون هناك عدو خارجي كالذي واجهه الملك فيصل -رحمه الله- بل عدو داخلي يرى أن قيام الأمة لا يكون إلا بسقوط الدولة التي تنتمي إليها، بهدمها، بسقوط الأنظمة الحاكمة الحالية التي حفظت لك استقرارك وأمنك، المشكلة حين يرى من يرفع شعار الأمة أن دولة الأمة لن تكون إلا على أنقاض وعلى دمار وعلى خراب الدولة القائمة الحالية بما فيها دولتك، هنا الإشكال حين تتقاطع الدولتان دولة الأمة الحلم ودولة الواقع... لكنه ترك بقية في صراع داخلي بين رغبة حقيقة وصادقة في الدفاع عن وطنه الذي يحبه ولا نشك لحظة في ولائه له، وبين الدفاع عن غرس لازمه منذ الطفولة يراه يتبدد كالسراب وهو غرس حلم "دولة الأمة (انتهى مختصرا).. وإنني في هذا لست بصدد الدفاع عن الأخ (الدكتور إبراهيم) فهو أقدر على الرد إن أراد ذلك، ولكنني أرى من الواجب علي مادام الموضوع قد طرح على العموم، فمن حقي أن أبدي رأيي فيما أراه دفاعا عن الحق الذي أعتقده وأدين لله تعالى به، وذلك فيما طرحته الأستاذة الكاتبة في معرض تعليقها على مقال الدكتور، فأقول: إن تخيير الكاتبة لمن الولاء! تخيير فاسد وباطل معنى ومبنى، ليس في سباقه ولا سياقه أبدا، إلا أنه في سياق التحريض المفضوح! وإنه تدليس بيِّن لا يتفق مع المصداقية التي يجب أن تلتزمها الكاتبة كونها صاحبة كلمة مسؤولة. ستسأل عنها يوم الدين!

إن دولنا المشتتة اليوم هي دول في واقعها متنافرة متقاطعة كل منها يَسبح في اتجاه، وهذه الحالة تخدم الأعداء وهي مرادهم، ولهذا فإن دولنا ليست بمأمن من الغدر والخديعة في عالم ليس فيه صداقات دائمة، ومصالحه متنقلة، عالم فاقد للشرف، مُخْلف للوعد، ناقض للعهد، لأتفه الأسباب، وهي بهذا غير مهيأة في حالتها الراهنة لتحقيق شيء يذكر ما لم تتحد اتحادا حقيقيا! وهذا الأمر لا يخفى على الأستاذة الكاتبة!!

أما تعلم الأستاذة أن كل دولة قُطْرية هي جزء مكون من مكونات دولة الأمة الإسلامية الكبرى، فليس هناك أي خصام ولا تعارض بين دولة الأمة ودولة الواقع إطلاقا؛ حتى يُخير المسلم في ولائه بين دولة الأمة أو واقع الدولة القُطْرية!! هذا فهم سقيم مردود على قائله! عذرًا، يجب عليك أن تدرسي أولا؛ لكي تعلمي مفهوم ومعنى دولة الأمة وعلاقتها بالدولة القُطْرية؛ لتدركي أنه لا خصومة ولا عداء، وليس هناك إلا وَهْمٌ لا حقيقة له فيه تسويق وترويج نيابة عن أعداء الأمة للتخويف والتضليل بوهم إسقاط وتدمير وتخريب دولة الواقع كما تزعمين؛ ولتعلم جيدا بأننا لن نقبل، ولن نسمح بإسقاط، أو تدمير، أو تخريب أو حتى المساس أو الاقتراب من دولنا، ولقد أكدتِ عدم التشكيك في حب ولاء البحرينيين لوطنهم، والسؤال إذا كان الأمر كذلك فلم هذه الإسقاطات المكلفة وهذا الهراء الذي لا معنى له، ويقينك ويقيننا أن البحرينيين المخلصين، لم ولن يكون ولاؤهم إلا لوطنهم وقيادتهم؟!!

كما نقول للكاتبة مجددا، إن كلامك جد خطير عندما تقصرين الدعوة إلى دولة الأمة على أنها دعوة تنادي بها التنظيمات الحزبية، أو الجماعات الإرهابية فحسب، وهذا غير صحيح على إطلاقه؛ لأنك بهذا تؤكدين على أنهم على حق!! ونحن نجزم بأن دعواهم ليست سوى حق يراد به باطل، والدليل هو ما نادوا به من مسمى (الدولة الإسلامية الموهومة المكذوبة (داعش)، بينما الدعوة إلى دولة الأمة الحق أمنية كل مسلم، فلا نُحمل عموم المسلمين، خطايا البغات من الخوارج المجرمين ممن ينتسبون إلى تلك التنظيمات المشبوهة، والجماعات الإرهابية المدسوسة لتتحدث زورا وبهتانا باسم الإسلام عمدا لتشويه صورة الإسلام والمسلمين!! ولعل الكاتبة لا يغيب عنها هذا الأمر الخطير، ولذلك نصيحتي ألا تتجاهلي ولا تلغي من حسابك ما يزيد على (المليار وستمائة مليون) مسلم في مشارق الأرض ومغاربها يتشوقون ويتطلعون بمعتقدهم المستمد من كتاب الله تعالى وسنة رسوله-عليه الصلاة والسلام- إلى دولة الأمة، الذي يعني وجودها قيام وحدة الأمة، وجمع كلمتها، ولم شملها، وبخاصة في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها أمتنا الإسلامية عامة، ودولنا العربية المقسمة خاصة، ولتعلمي أن الذي غرس وأنشأ في أبناء الأمة الولاء لدولة الأمة، ليست تلك التنظيمات والجماعات الخائبة المأجورة العميلة والموجهة، وإنما الذي غرس هذا المفهوم السامي هو المولى سبحانه الذي حدده وبينه وأراده، ألم تقرئي قوله تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله.. وقوله سبحانه: "وكذلك جعلناكم أُمةً وسطًا لتكونوا شهداءَ على الناس ويكونَ الرسولُ عليكم شهيدا وقوله تعالى: "وإنَّ هذه أمَّتُكم أمَّةً واحدةً وأنَا ربُّكُم فاتَّقُون.

فالأمة الإسلامية كيان واحد، وجسد واحد، وروح واحدة. روى البخاري ومسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.

وليت الحكام يتحركون تحرك الملك فيصل -رحمه الله تعالى- الشهيد بإذن الله تعالى- لتتحرك الأمة من خلفهم، تسمع وتطيع لتحرير من ربقة تبعيتها، ولتتمكن من تحرير المسجد الأقصى، وكامل فلسطين، عسى أن يكون ذلك قريبا، والنصر يتحقق بوعد الله الصادق الذي لا يتخلف، يوم تعود دولة الأمة كما كانت منصورة عبر تاريخها بحالتها التي يرتضيها ربها: "وإنَّ هَذه أمتُكُم أمةً واحدةً وأنَا ربُكُم فاتَّقُون، دولة التقوى والإيمان عليها يتنزل النصر مصداقا لقوله تعالى: "وكان حقًّا علينَا نَصْرُ المؤمنين.

MENAFN2207201700550000ID1095646505


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.